لم تأخذ فرضية فتزجيرالد- لورنتز في التقلص مأخذ الجد وبقيت كذلك إلى أن فسرها ألبرت أينشتاين عندما أعلن عن ظهور النسبية الخاصة، ولم يطور أينشتاين نظرية كي يبحث عن تفسير لهذه التجربة لأنه لم يكن يعلم بها وكان منغمسا في نظرية ميكسول الكهرومغناطيسيه وكي نفهم طبيعة هذه النظرية دعونا نراقب قطار مثلا ثم نحاول من مراقبتنا له تحديد حركتنا، أننا مهما تأنينا في مراقبتها فلن نكتشف أننا على سطح كوكب متحرك أو ساكن لإن سلوكنا لا يدل على أي شي ولا يختلف الأمر إذا كنا في مركبة أو قطار أو طائره تتحرك بسرعة ثابتة إذ لن نتمكن من اكتشاف حركتنا المنتظمة (بسرعة ثابتة وفي خط مستقيم) والسبب هو استقلال قوانين نيوتن في الحركة عن حركة المراقب المنتظمة أي لا يمكن أن تتغير هذه القوانين عندما ينتقل المراقب من مرجع إلى مرجع أخر يتحركان بانتظام وقد نقل اينشتاين هذه الفكرة إلى الضوء واقنع نفسه بان الضوء اقدر من قوانين الميكانيكا على كشف حركتنا المنتظمة وهذا يعني انه لايمكن لمعادلات مكاسويل التي تصف انتشار الضوء علاقة بحركة الراصد لأنها لو كانت متعلقة بحركة الراصد لأمكن للمعادلات أن تفيدنا في تعين حركة الشيء المطلق وكذلك تجربة ميكلسون ومورلي.
لذلك رأى اينشتاين أنه يجب أن تكون سرعة الضوء في الخلاء مستقلة عن حركة المنبع الضوئي وهذا يعني ثبات سرعة الضوء وهذه السرعة أصبحت ثابت كوني ولكن لم تستند إليه قوانين نيوتن ومن ثبات سرعة الضوء اتجه اينشتاين إلى تحليل مفهومي المكان والزمان المطلقين، وكان عليه أن يبرهن بأن تواقت حادثين منفصلين في مكان ليس له معنى مطلق بل يتعلق بحركة المراقب وكي نثبت هذه الفكرة نحتاج إلى شرح تجربه وهي تحتاج إلى خيال وتركيز.
فكرة القطار لمفهوم النسبية
لنفرض أن هناك راصدين أحدهما في عربة قطار مفتوحة متحركة بسرعة 185,000 ميل في الثانية طولها 186.000ميل والأخر في عربة قطار ثابتة أيضا مفتوحة وطولها نفس طول الأخرى وكلا الراصدين يريد أن يقيس سرعة الضوء ولنفرض إن عملية القياس تبدأ عندما تتطابق بداية العربتين ولنفرض أن شعاعا ليزريا آتى من اليمين إلى اليسار وبدأت عملية القياس فما هي النتيجة التي سوف يجدها كلا من الراصدين، سيجد الراصد الثابت انه عندما دقت الساعة ثانيه واحدة وصل الضوء إلى طرف العربة الأخرى أي انه بسرعة 186,000 ميل في الثانية وأيضا سوف يجد الراصد المتحرك نفس السرعة ولو كنت تراقب على الرصيف وأنت لا تعرف سوى قوانين نيوتن سوف يبدوا لك أن الراصد المتحرك مخالف للمنطق، ولكي نفسر تصرفه هذا سوف نتجه إلى الطرف الأيمن من العربة ونقول انه وبعد ثانيه تكون العربة المتحركة متقدمة على الثانية 18500 ميل وانه يتبقى على الإشعاع هذه المسافة كي يقطعها لذلك نرفض تساوي السرعه.
ولإزالة الشك والغموض عن هذه التجربة نعيدها ولكن على الراصد الثاني مراقبة جميع الأحداث بما فيها الراصد المتحرك وعربته ونطلق الشعاع من جديد وعندما يصل الميقات إلى ثانيه عند الراصد الثابت نحسب القياسات نجد أن الراصد المتحرك لا يكون على بعد 18500 ميل بل على بعد عشر هذه المسافة وانه لم يسجل ثانيه بل عشر الثانية فقط وهكذا يتبين أن الراصد الثابت يرى أن المرجع المكاني-الزماني عند الراصد المتحرك ليس هو نفسه المرجع المتحرك عنده ولهذا تتقلص القضبان المتحركة وتبطئ ميقات الحركة النسبية من مرجع لأخر.
وهذا الثابت - سرعة الضوء - يعتبر من أهم الثوابت الكونية التي تدخل في بناء هذا الكون وأن القانون الذي لا يحتوي عليه لا يعتبر قانون كامل بل يحتاج إلى أن يستكمل إلى أن يصبح صامد ولم يكن اينشتاين أول من ادخل مبدأ الصمود فقد ادخله نيوتن قبله على نظريته وكان مفيد إلى حد بعيد ولنبدأ بتعريف الحادث انطباق جسيم على نقطه في الفراغ (إليكترون مثلا أو فتون) في لحظه معينه فلكي نحدد حادثا معينا يجب أن نعرف متى وأين وهذا يعني أن يكون لدينا مرجع مقارنه (مجموعة إحداثيات) وبما اننا نريد موقعه فعلينا أن نعطي ثلاث أعداد على المحاور التي يكونها الفراغ (س, ص, ع) هذه الإحداثيات المكانية وكي نحدد زمن وقوع الحادث نحتاج إلى إحداثي جديد زمني فيكون مسار الجسيم منحنيا يصل بين هذه الحوادث وبما أن القانون لا يعالج حاله خاصة بل يعالج الطبيعة نفسها فيجب أن يبقى نفسه لكل المراقبين وهذا هو مبدأ الصمود وأكثر ما يميز النسبية أنها تظهر أن لا المكان وحده مطلق ولا الزمان وحده مطلق ولكن قولنا أن كلا من الزمان والمكان ليس مطلقا لا يعني أن النسبية ليست نظرية الأشياء المطلقة بل أن الحقيقة المطلقة فيها أعلى مستوى مما في فيزياء نيوتن لأنها تمزج المكان بالزمان في -زمكان- متشعب الجوانب ولكي نوضح ذلك نلاحظ أولا أن كلا من المسافة بين حادثين والمدة الزمنية الفاصلة بينهما هي نفسها وفقا لفيزياء نيوتن بالنسبة لجميع المراقبين - أي أن المدة مطلقة والمسافة مطلقة - أما في النظرية النسبية فتجد أن المراقبون المختلفون مسافات مختلفة وأزمنة مختلفة ومع ذلك تعلمنا النسبية أن مزيجا معينا للمكان والزمان الفاصلين بين حادثين يكون واحدا بالنسبة إلى جميع المراقبين وللحصول على مربع هذا الفاصل الزمكاني المطلق بين الحادثين نربع المسافة بين الحادثتين ونطرح منها حاصل ضرب سرعة الضوء في المدة الزمنية بين الحادثين فنحصل على المقدار المطلق .
ويمكن أن يستنتج من الفاصل الزمني التي سبق ذكره كل النتائج الهامة التي تنبثق عنها النظرية النسبية الخاصة مثل تقلص الأطوال المتحركة وتباطؤ الزمن وتزايد الكتلة وتكافؤ الطاقة والكتلة.