دكار : كانت الفتاة فاقدة الوعي عندما نقلتها والدتها الى عيادة طبية محلية في جنوب بوركينا فاسو وبدا انها تعاني من الاعراض التقليدية للالتهاب السحائي وهي الحمى وتيبس عضلات العنق والقيء.
ومع اتباع الترتيبات العلاجية داعب الاطباء الامل في امكان انقاذها على الرغم من احتمال ان تقضي بقية حياتها تعاني من الاعاقة إذ ان من بين آثار المرض الاصابة بالصمم او داء الصرع او الشلل.
أدى هذا التفشي الاخير في منطقة ليرابا النائية المتاخمة لساحل العاج الى نشر مخاوف وصلت الى العاصمة واجادوجو وسط قلق من استفحال موجة وبائية جديدة من هذا المرض.
في كل عام بالاقليم الجاف بمنطقة الساحل جنوبي الصحراء الكبرى وبدءا من ديسمبر كانون الاول وحتى مايو ايار يصاب الالاف بالالتهاب السحائي معظمهم من الاطفال ويموت واحد من بين كل عشرة يصابون به.
ويمثل (حزام الالتهاب السحائي) بالقارة الافريقية.. الذي يمتد من السنغال الى اثيوبيا مارا بعدد من افقر بلدان العالم وتلك التي تمزقها الحروب مثل اقليم دارفور بالسودان.. أكثر من نصف حالات الاصابة بالالتهاب السحائي سنويا في جميع بقاع العالم.
ومما يضاعف من مخاطر الاصابة بالمرض سوء الاحوال المناخية على غرار العواصف الترابية والليلات الباردة فضلا عن الاماكن المزدحمة وتنقل جماعات كبيرة من السكان من مكان لاخر.
والان بدأ العاملون في مجال الصحة في الاستعانة باساليب التقنيات العالية لتشخيص المرض ومكافحته وايضا توقع احتمالات تفشي المرض على أمل الحد من عواقبه.
ويقولون ان مصلا جديدا منخفض التكلفة يستمر مفعوله لفترة أطول من الامصال المستخدمة حاليا قد يكون متوافرا بحلول عام 2009 وأظهرت التجارب التي اجريت في الاونة الاخيرة ان التشخيص صار اكثر سرعة. ومن خلال دراسة الانماط المناخية يأملون ان يكون بامكانهم ان يحددوا مسبقا المكان المتوقع لتفشي المرض مع التدخل قبل اصابة اول شخص.
ويقول الخبراء ان المصل الجديد يمكن ان يقضي على المرض في مجموعة سكانية بنفس الطريقة التي قضت بها تقريبا لقاحات مستديمة على مرض شلل الاطفال في ارجاء العالم.
وقال وليام بيريا الخبير في مكافحة الالتهاب السحائي بمنظمة الصحة العالمية "سيغير هذا من صورة الالتهاب السحائي في المنطقة."
وخلال عام 2005 تدنت مستويات الاصابة بالمرض في المنطقة الى حدها الادنى خلال 20 عاما الا انه في ابريل نيسان عام 2006 تم ابلاغ منظمة الصحة العالمية بثلاثين الف حالة اصابة بالمرض بواقع خمسة امثال الاصابة التي وقعت في العام السابق.
والنمط السائد المتكرر للمرض منذ سبعينات القرن الماضي هو حدوث موجات اصابة كل عشر سنوات او نحو ذلك تستمر كل موجة من ثلاث الى اربع سنوات.
ويقول الخبراء ان تصاعد حالات الاصابة في العام الماضي ينذر ببدء موجة وبائية كبرى جديدة في منطقة الساحل. وفي اسوأ سيناريو وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية فقد تحدث 160 ألف حالة اصابة خلال العامين القادمين.
والالتهاب السحائي عبارة عن تلف يصيب غشاء رقيق محيط بالمخ والحبل الشوكي وسبب الاصابة انواع من البكتيريا الا ان معظم المصابين يشفون تماما عند تشخيص الاصابة مبكرا وتعاطي المضادات الحيوية في الوقت المناسب.
ويسبب الالتهاب السحائي مضاعفات منها حدوث تلف في انسجة المخ والصمم ومشاكل في التعلم وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية الى ان من 5 الى 10 في المئة من المرضى يتوفون من المرض.
وهو من الامراض المعدية التي تنتقل عن طريق رذاذ العطس والسعال والوجود في اماكن مزدحمة مغلقة. ومن بين الاعراض المبكرة تيبس عضلات الرقبة والصداع والحمى والحساسية الشديدة للضوء.
ويتولى مسؤولو الصحة في منطقة حزام الالتهاب السحائي بالابلاغ كل اسبوع عن حالات الاصابة التي تظهر الى مراكز تتعامل مع منظمة الصحة العالمية.
وقال سلام سان مدير طب الطواريء في منظمة اطباء بلا حدود في بوركينا فاسو التي تساعد على علاج المرض "في منطقة يصل عدد سكانها الى اقل من 30 الفا نحاول مقارنة الاحصاءات الواردة خلال اسبوعين."
واضاف "اذا كانت هناك اكثر من حالة ثم زاد عدد الحالات بواقع اربعة في الاسبوع التالي نعتبره وباء."
وعندما يزيد الخطر ينهض افراد الفرق الطبية الى العمل بتوفير المضادات الحيوية الاضافية مع بدء حملة تطعيم الا ان بيريا يقول ان النظام الحالي غير كاف.
الا ان هذه الجهود بطيئة للغاية لان المضادات الحيوية تستهدف سلالات معينة من الكائنات الدقيقة المسببة للمرض ويستلزم الامر ارسال عينات من سائل النخاع الشوكي للمصاب الى المعمل للتحليل كما ان المصل الحالي غير فعال ويعطي فترة حصانة قصيرة.
وتجري في مركز الصحة والبحوث الطبية بالنيجر الان تجارب في مراحلها النهائية بغية سرعة التشخيص وتبسيطه.
وقالت سوزان شانتو مدير فريق البحوث الذي توصل الى هذا الفحص "كل ما عليك هو ان تضع قطرات من السائل المخي الشوكي في الانبوبة ثم ضع عصا الاستكشاف في انبوبة الاختبار وفي غضون عشر دقائق ستحصل على النتيجة."